الحياة ... هذا السر العظيم الذي نعيشه خارج نطاق إرادتنا نحن البشر ، والذي عجز أعظم الفلاسفة والمفكرين عن فهم تناقضاته ...
منأعمق أعماق السكون الذي يلف باطن الليل ... إلى ترنيمة إلهية أسمعتراتيلها قادمة من أعماق الوديان وقمة الجبال عبّر السهول والتلال ...
مع اشراقة كل فجر جديد ... ومن ثم ، صرخات مدوية يطلقها النهار بكل ما يحمل من صخب وضجة .... إنها دائرة غريبة أعيشها كل يوم ...
وعبرحلقات هذه الدائرة تتسرب إلى الروح نسمات غريبة .. نسمات لها حلاوةٌتجعلني أعشق هذه الدائرة الغريبة بكل ما تحمله من تناقضات .....
إنه الحب ... ذلك الجميل الطاهر البريء الذي من أجله نحيا ومن أجله نموت ... متجاهلين كل ما تحمله لنا الحياة من ألم وعذاب ..
وهذه القصة هي إحدى هذه النسائم التي عصفت بحياة أغلى إنسانة على قلبي أختي ...ريتا ...
في إحدى الليالي المميزة وقبل عدة شهور ... كان للسماء لون أخر وللقمر اشراقة أخرى وللنسيم إحساس أخر غير كل الليالي الأخرى ،
قالت لي هل تشعرين بما أشعر ، هل تحسين بأنها إحدى الليالي المميزة في حياتي ... لا أدري لماذا أشعر بذلك ،
كنا ندرس في غرفتنا الصغيرة نستعد للامتحانات التي كان على الأبواب وبين الحين والأخر كنا نخرج إلى الشرفة لنشعر بطعم الحياة الأخرى خارج نطاق الكتب والدفاتر والملخصات ...
أطل من أول الشارع ... قادم بعيد ... غريب أو ربما قريب لا أدري ...
كان تائهاً ومحتاراً ... انتقلت هذه الحالة بسرعة إليها وبدت هي أيضاً تائهة ومحتارة ...
نظرت إليه وتعلقت عيناها بهذا القادم الغريب الذي كان يرتدي الحزن عباءةً تكلل عينيه ... وجهه ... روحه ... وكل جسده ...
وهذاما كان يثير فضولها حيث كانت تقول لي دائماً لا أدري لماذا أشعر بأن خلفهاتين العينين البراقتين حزن كبير أو ربما جرح كبير أشعر بقلبه المكسوروروحه التائهة التي ربما لم تجد السعادة أو الأمان ...
كنتأشعر أن في داخلها شيء ما أكبر من هذا الفضول الذي كانت تتحدث به وفي هذهالليلة بالذات أدركت الحقيقة التي هي نفسها لم تكن تدرك ماهيتها ...
مرت دقائق وقد كانت دقائق طويلة لم تكن تعرف ماذا تشعر .. أو ماذا تقول لكن هنالك شيء ما كان يلمع في عينها أكبر من الكلام ...
خرجت إلى الشرفة رأته واقفاً أمام باب جارنا جميلاً بهياً رائعاً وعندها أدركت أن هذه الليلة كانت تشرق بنور وجهه وقد تلونت السماء بلون عينيه
وحمل النسيم رائحة عطره لذلك كانت مميزة ...
كان واقفاً يحمل داخله جرح كبير يمزق روحه وأحشاؤه ... تائهاً لا يدرك الطريق التي عليه أن يسير ...
محتاراً بين الجرح الذي ينزف في قلبه والنور البهي الذي يتراءى أمامه ...
خائفاً من أن يَجرح أو يُجرح وهو الذي يحمل في صدره قلباً رقيقاً لكن الحياة لم توفر له جراحاً نزفت طويلاً في أعماقه ..
أماهي فكانت تنظر إليه بعينين تلمعان بالحب الذي تحمله داخلها دون أن تدركبأنه الحب كانتا تفيضان بالخجل الذي لف حياتها منذ الطفولة ...
وهي التي لم تدق طعم الحب يوماً ولا تعرف ماذا هو هذا الإحساس وقلبها البريء المتعطش لحب كبير .. حب عظيم يهز أعماقها ...
ويوقظ فيها إحساس الأنوثة الذي كانت توفره لرجل عظيم ... رجل يستحق أن تهبه أنوثتها وقلبها وكل حياتها
وهنا بدأت الحكاية ... في سكنة من سكنات الليل التي حتى الآن لا أزال أذكرها بكل تفاصيلها ...
بقلمي في 20/10/2010
مهداة إلى شقيقتي الصغرى